للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرف تعرّضوا له، فتبسّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم، وقال: "أظنّكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء" قالوا: أجل يا رسول الله! قال: "فأبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فوالله! ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسَط عليكم الدنيا، كما بُسطَتْ على مَن كان قبلكم، فتنافَسُوها كما تنافَسُوهَا، وتُلْهِيكَم كما أَلْهَتْهُمْ". (١)

ويطالعنا ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِن أكثر ما أخاف عليكم ما يُخرج الله لكم من بركات الأرض" قيل: وما بركات الأرض؟ قال: "زهرةُ الدنيا" فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر؟ فَصَمَتَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى ظننت أنه يُنزَلُ عليه ثم جعل يمسح عن جبينه، فقال: "أين السائل"؟ قال: أنا، قال أبو سعيد: لقد حَمِدنَاهُ حِينَ طَلَع لذلك. قال: "لا يأتي الخير إِلا بالخير، إِن هذا المال خَضرَةٌ حُلْوَةٌ، وإِن كل ما أنبت الرَّبِيع يَقتُل حَبَطاً أو يلِمّ، إِلا آكلة الْخَضرَةِ، أَكَلَتْ حتى إِذا امتَدَّت خاصِرتَاهَا استقبلت الشّمس فاجْتَرَّت وثَلَطَتْ وبَالَتْ، ثم عادتْ فأَكَلَتْ، وإِن هذا المال حُلْوَةٌ: مَنْ أَخَذَهُ بحقِّه، ووضَعه في حقّه، فَنِعمَ المعُونَة هو، وإِن أخذه بغير حقّه كان كالذي يأكل ولا يشبع" (٢)


(١) البخاري: ٨١ - الرقاق (٦٤٢٥)، ومسلم (٢٩٦١)، وأحمد: ٤: ١٣٧، ٣٢٧، والترمذي (٢٤٦٢)، وابن ماجة (٣٩٩٧)، والنسائي: الكبرى (٨٧٦٦)، والقاسم بن سلام: الأموال (٨٣)، وابن زنجويه (١٢٩)، وابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني (١٧٦٧)، والطحاوي: شرح مشكل الآثار (٢٠٢٧)، والطبراني: الكبير: ١٧ (٣٨ - ٤١)، والبيهقي: ٩: ١٩ - ١٩١، والدلائل: ٦: ٣١٩.
(٢) البخاري: ٨١ - الرقاق (٦٤٢٧)، وانظر (٩٢١، ١٤٦٥، ٢٨٤٢)، ومسلم (١٠٥٢)، وأحمد: ٣: ٢١، ٩١، والنسائي: ٥: ٩٠، والطيالسي (٢١٨٠)، وعبد الرزاق (٢٠٠٢٨)، والبغوي (٤٠٥١)، وابن حبان (٣٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>