ويحتمل أن تكون التاء فيهما للمبالغة .. ثم قال:"أما حبطاً" فبفتح المهملة والموحدة، والطاء المهملة أيضاً، والحبط: انتفاخ البطن من كثرة الأكل، يقال: حبطت الدّابّة تحبط حبطاً، إذا أصابت مرعى طيّباً فأمعنت في الأكل، حتى تنتفخ فتموت، وروي بالخاء المعجمة من التخبط وهو الاضطراب، والأوّل المعتمد!
وقوله:"يُلِم" بضم أوّله، أي يقرب من الهلاك!
ثم قال: قوله: "اجترت" بالجيم، أي استرفعت ما أدخلته في كرشها من العلف فأعادت مضغه، "وثَلَطَت" بمثلثة ولام مفتوحتين ثم طاء مهملة، وضُبطت بكسر اللام، أي ألقت ما في بطنها رقيقاً، زاد الدارقطني:"ثم عادت فأكلت" والمعنى أنها إذا شبعت فثقل عليها ما أكلت تحيّلت في دفعه بأن تجترّ فيزداد نعومة، ثم تستقبل الشمس فتحمي بها فيسهل خروجه، فإذا خرج زال الانتفاخ فسلمت، وهذا بخلاف من لم تتمكّن من ذلك، فإن الانتفاخ يقتلها سريعاً!
قال الأزهري: هذا الحديث إذا فُرّق لم يكد يظهر معناه، وفيه مثلان: أحدهما: للمفرط في جمع الدنيا، المانع من إخراجها في وجهها، وهو ما تقدّم، أي الذي يقتل حَبَطاً.
والثاني: المقتصد في جمعها، وفي الانتفاع بها، وهو آكلة الخضر، فإن الخضر ليس من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، ولكنها الحبّة، والحبّة ما فوق البقل ودون الشجر التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها، ولا منعها من مستحقّها،