فهو ينجو من وبالها، كما تحبّ آكلة الخضر، وأكثر ما تحبط الماشية إذا انحبس رجيعها في بطنها!
وقال الزين بن المنير: آكلة الخضر هي بهيية الأنعام التي ألف المخاطبون أحوالها في سومها ورعيها، وما يعرض لها من البشم وغيره، والخضر: النبات الأخضر، وقيل: حرار العشب التي تستلذ الماشية أكله، فتستكثر منه، وقيل: هو ما ينبت بعد إدراك العشب وهياجه، فإن الماشية تقتطف منه مثلاً شيئاً فشيئاً، ولا يصيبها منه ألم، وهذا الأخير فيه نظر، فإن سياق الحديث يقتضي وجود الحبط للجميع، إلا لمن وقعت منه المداومة، حتى اندفع عنه ما يضرّه، وليس المراد أن آكلة الخضر لا يحصل لها من آكله ضرر البتّة، والمستثنى آكلة الخضر بالوصف المذكور، لا كل من اتّصف بأنه آكلة الخضر، ولعل قائله وقعت له رواية فيها:"يقتل أو يلم إِلا آكلة الخضر"، ولم يذكر ما بعده، فشرحه على ظاهر هذا الاختصار!
ثم قال: قوله: "كالذي يأكل ولا يشبع" زاد هلال: "ويكون شهيداً عليه يوم القيامة" يحتمل أن يشهد عليه حقيقة بأن ينطقه الله تعالى، ويجوز أن يكون مجازاً، والمراد شهادة الملك الموكّل به!
ويؤخذ من الحديث التمثيل لثلاثة أصناف:
لأن الماشية إذا رعت الخضر للتغذية إمّا أن تقتصر منه على الكفاية، وإمّا أن تستكثر، الأول: الزهاد، والثاني: إمّا أن يحتال على إخراج ما لو بقي لضرّ، فإذا أخرجه زال الضرّ واستمرّ النفع، وإمّا أن يهمل ذلك!
الأوّل: العاملون في جميع الدّنيا بما يحب من إمساك وبذل!