للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا إمساكه عن إخراج الحق منه سبب لمحقه، فيصير غير مبارك كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (البقرة: ٢٧٦)!

تلك معالم هذا الحديث، رأيت ضرورة ذكرها لأهميتها!

ومعلوم أن القرآن الكريم يخاطب الكينونة البشريّة (١)، بما يعلم خالقها من تركيبها الخفيّ، وبما يطلع منها على الظاهر والباطن، وعلى المنحنيات والدروب والمسالك!

وهو سبحانه يعلم مواطن الضعف في هذه الكينونة، ويعلم أن الحرص على الأموال وعلى الأولاد من أعمق مواطن الضعف فيها، ومن هنا ينبّهنا إلى حقيقة هبة الأموال والأولاد .. لقد وهبها الله للناس ليبلوهم بها ويفتنهم فيها، فهي من زينة الحياة الدنيا التي تكون موضع امتحان وابتلاء، ليرى الله فيها صنيع العبد وتصرّقه .. أيشكر عليها ويؤدّي حق النعمة فيها؟ أم يشغل بها حتى يغفل عن أداء حق الله فيها؟: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (الأنبياء: ٣٥)!

فالفتنة -كما أسلفنا- لا تكون بالشدّة والحرمان وحدهما .. إنها كذلك تكون بالرّخاء وبالعطاء أيضاً! ومن الرّخاء والعطاء هذه الأموال والأولاد .. هذا هو التنبيه الأول: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)} (الأنفال)!

فإذا انتبه القلب إلى موضع الامتحان والاختبار كان ذلك عوناً له على الحذر واليقظة والاحتياط، أن يستغرق وينسى ويخفق في الامتحان والفتنة .. ثم لا يدعه الله بلا عون منه ولا عوض .. فقد يضعف عن الأداء -بعد الانتباه-


(١) في ظلال القرآن: ٣: ١٤٩٨ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>