تحجب الرؤية الكاملة الصحيحة .. ثم هو زاد المغفرة للخطايا .. الزاد المطمئن الذي يسكب الهدوء والقرار .. وزاد الأمل في فضل الله العظيم يوم تنفد الأزواد، وتقصر الأعمال!
إنها حقيقة: أن تقوى الله تجعل في القلب فرقاناً يكشف له منعرجات الطريق، ولكن هذه الحقيقة -ككل حقائق العقيدة- لا يعرفها إلا من ذاقها فعلاً!
إن الوصف لا ينقل مذاق هذه الحقيقة لمن لم يذوقوها!
إن الأمور تظلّ متشابكة في الحسّ والعقل، والطرق تظلّ متشابكة في النّظر والفكر، والباطل يظلّ متلبّساً بالحق عند مفارق الطريق!
وتظلّ الحجّة تُفحم ولكن لا تُقنع، وتُسكت ولكن لا يستجيب لها القلب والعقل، ويظلّ الجدل عبثاً، والمناقشة جهداً ضائعاً .. وذلك ما لم تكن التقوى!!
فإذا كانت استنار العقل، ووضح الحق، وتكشّف الطريق، واطمأنّ القلب، واستراح الضمير، واستقرّت القدم وثبتت على الطريق!
إن الحق في ذاته لا يخفى على الفطرة .. إن هناك اصطلاحاً من الفطرة على الحق الذي فطرت عليه، والذي خلقت به السماوات والأرض .. ولكنه الهوى الذي يحول بين الحق والفطرة .. الهوى هو الذي ينشر الغبش، ويحجب الرؤية، ويُعمي المسالك، ويُخفي الدروب .. والهوى لا تدفعه الحجّة إنما تدفعه التقوى .. تدفعه مخافة الله، ومراقبته في السرّ والعلن .. ومن ثمَّ هذا الفرقان الذي يُنير البصيرة، ويرفع اللبس، ويكشف الطريق!
وهو أمر لا يقدّر بثمن .. ولكنه فضل الله العظيم، يضيف إليه تكفير الخطايا ومغفرة الذنوب!