للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتصار كلمة الله، وقهر أعداء الله- حتى هذه الرغبة يريد الله من المؤمنين أن يتجرّدوا منها، ويكلوا أمرها إليه، وتتخلّص قلوبهم من أن تكون هذه شهوة لها، ولو كانت لا تخصّها!

هذه العقيدة: عطاء ووفاء وأداء .. فقط، وبلا مقابل من أعراض هذه الأرض، وبلا مقابل كذلك من نصر وغلبة وتمكين واستعلاء .. ثم انتظار كل شيء هناك!

ثم يقع النصر، ويقع التمكين، ويقع الاستعلاء .. ولكن هذا ليس داخلاً في البيعة .. ليس جزءاً من الصفقة .. ليس في الصفقة مقابل في هذه الدنيا، وليس فيها إلا الأداء والوفاء والعطاء .. والابتلاء!

على هذا كانت البيعة، والدعوة مطاردة في مكّة .. وعلى هذا كان البيع والشراء .. ولم يمنح الله المسلمين النصر والتمكين والاستعلاء .. ولم يسلمهم مقاليد الأرض وقيادة البشريّة، إلا حين تحرّدوا هذا التجرّد ووفّوا هذا الوفاء!

وهنا نذكر ما رواه أحمد وغيره بسند صحيح من حديث طويل عن جابر .. وفيه: "فقمنا إِليه وبايعناه، فأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنة"! (١)

هكذا "الجنة" .. والجنة فقط! لم يقل: النصر، والعزّ، والوحدة، والقوّة، والتمكين، والقيادة، والمال، والرخاء -مما منحه الله وأجراه على أيديهم- فذلك كله خارج عن الصفقة!


(١) أحمد: ٣: ٣٢٢ - ٣٢٣، والبيهقي: ٨: ١٤٦، والبزار (١٧٥٥، ١٧٥٦) كشف الأستار، وأبو يعلى (١٨٨٧)، وابن حبان (٦٢٧٤، ٧٠١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>