للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد أخذوها صفقة بين متبايعين، أنهي أمرها، وأمضي عقدها، ولم تعد هناك مساومة حولها!

وهكذا ربّى الله الجماعة التي قدّر أن يضع في يدها مقاليد الأرض، وزمام القيادة، وسلّمها الأمانة الكبرى بعد أن تجرّدت من كل أطماعها، وكل رغباتها، وكل شهواتها، حتى ما يختص بالدعوة التي تحملها، والمنهج الذي تحققه، والعقيدة التي تموت من أجلها، فما يصلح لحمل هذه الأمانة الكبرى من بقي له أرب لنفسه في نفسه، أو بقيت فيه بقيّة لم تدخل في السلم كافة! (١)

ويطالعنا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} (آل عمران)!

إنه النداء العلوي للذين آمنوا (٢) نداؤهم بالصفة التي تربطهم بمصدر النداء، والتي تلقي عليهم هذه الأعباء، والتي تؤهّلهم للنداء، وتؤهّلهم للأعباء، وتكرمهم في الأرض كما تكرمهم في السماء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ}!

النداء لهم، للصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى.

والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة .. إنه طريق طويل شاقّ، حافل بالعقبات والأشواك. مفروش بالدماء والأشلاء، وبالإيذاء والابتلاء .. الصبر على أشياء كثيرة: الصبر على شهوات النفس ورغائبها، وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وعجلتها وملالها من قريب!


(١) انظر: ٢٠٦ - ٢١٢ في ظلال القرآن.
(٢) السابق: ٥٥١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>