والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة. واستقبال الرخاء في تواضع وشكر، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى الانتقام، وتجاوز القصاص الحق إلى الاعتداء! والبقاء في السرّاء والضرّاء على صلة بالله، واستسلام لقدره، وردّ الأمر إليه كله في طمأنينة وخشوع!
الصبر على هذا كله -وعلى مثله- مما يصادف السالك في هذا الطريق الطويل لا تصوّره حقيقة الكلمات، فالكلمات لا تنقل المدلول الحقيقي لهذه المعاناة، إنما يدرك هذا المدلول من عانى مشقّة الطريق، وتذوّقها انفعالات وتجارب ومرارات!
والذين آمنوا كانوا قد ذاقوا جوانب كثيرة من ذلك المدلول الحقيقي، فكانوا أعرف بمذاق هذا النداء!
كانوا يعرفون معنى الصبر الذي يطلب الله إليهم أن يزاولوه!