للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موعده المضروب بأجله المكتوب: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥)}!

الذين يدركون نعمة التكريم الإلهيّ للإنسان، فيرتفعون عن مدارج الحيوان، ويشكرون الله على تلك النعمة، فينهضون بتبعات الإيمان!

وهكذا يقرّر القرآن حقيقة الموت والحياة، وحقيقة الغاية التي ينتهي إليها الأحياء، وفق ما يريدونه لأنفسهم، من اهتمام قريب كاهتمام الدود، أو اهتمام بعيد كاهتمام الإنسان!

وبذلك ينقل النفس من الانشغال بالخوف من الموت، والجزع من التكاليف -وهي لا تملك شيئاً في شأن الموت والحياة- إلى الانشغال بما هو أنفع للنفس، في الحقل الذي تملكه، وتملك فيه الاختيار، فتختار الدنيا أو تختار الآخرة، وتنال من جزاء الله ما تختار!

ثم يضرب الله للمسلمين المثل من إخوانهم المؤمنين قبلهم، من موكب الإيمان اللاحب الممتدّ على طول الطريق، الضارب في جذور الزمان .. من أولئك الذين صدقوا في إيمانهم، وقاتلوا مع أنبيائهم، فلم يجزعوا عند الابتلاء، وتأدّبوا -وهم مقدمون على الموت- بالأدب الإيمانيّ في هذا المقام .. مقام الجهاد .. فلم يزيدوا على أن يستغفروا ربّهم، وأن يجسّموا أخطاءهم، فيروها {إِسْرَافاً} في أمرهم، وأن يطلبوا من ربّهم الثّبات والنصر على الكفّار .. وبذلك نالوا ثواب الدّارين جزاء إحسانهم في أدب الدّعاء، وإحسانهم في موقف الجهاد، وكانوا مثلاً يضربه الله للمسلمين:

<<  <  ج: ص:  >  >>