الناس من الظلمات إلى النور، فإنّما يتحقّق بإذن الله، وفق سنّته التي ارتضاها الله بمشيئته، وما الرسول إلا رسول!
والصراط بدل من النور .. وصراط الله: طريقه، وسنّته، وناموسه الذي يحكم الوجود، وشريعته التي تحكم الحياة، والنور الذي يهدي إلى هذا الصراط، أو النور هو الصراط وهو أقوى في المعنى، فالنور المشرق في ذات النفس هو المشرق في ذات الكون، هو السنّة. هو الناموس، هو الشريعة .. والنفس التي تعيش في هذا النور لا تخطئ الإدراك، ولا تخطئ التصوّر، ولا تخطئ السلوك، فهي على صراط مستقيم: {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)}! مالك القوّة القاهر المسيطر المحمود المجيد!
والقوّة تبرز هنا لتهديد من يكفرون .. والحمد يبرز لتذكير من يشكرون .. ثم يعقبها التعريف بالله سبحانه .. إنه مالك ما في السموات وما في الأرض، الغنيّ عن الناس، المسيطر على الكون وما فيه ومن فيه: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٣)} (إبراهيم)!
واستحباب الحياة الدنيا على الآخرة يصطدم بتكاليف الإيمان، ويتعارض مع الاستقامة على الصراط، وليس الأمر كذلك حين تستحبّ الآخرة؛ لأنه عندئذ تصلح الدنيا، ويصبح المتاع بها معتدلاً، ويراعى فيه وجه الله، فلا يقع التعارض بين استحباب الآخرة ومتاع هذه الحياة!
إن الذين يوجّهون قلوبهم للآخرة، لا يخسرون متاع الحياة الدنيا -كما يقوم