للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأخيلة المنحرفة- فصلاح الآخرة في الإِسلام يقتضي صلاح هذه الدنيا .. والإيمان بالله يقتضي حسن الخلافة في الأرض، وحسن الخلافة في الأرض هو استعمارها والتمتّع بطيّباتها .. إنه لا تعطيل للحياة في الإِسلام انتظاراً للآخرة، ولكن تعمير للحياة بالحق والعدل والاستقامة ابتغاء رضوان الله، وتمهيداً للآخرة .. هذا هو الإِسلام!

فأما الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة، فلا يملكون أن يصلوا إلى غاياتهم من الاستئثار بخيرات الأرض، ومن الكسب الحرام، ومن استغلال الناس وغشّهم واستعبادهم .. لا يملكون أن يصلوا إلى غاياتهم هذه في نور الإيمان بالله، وفي ظل الاستقامة على هداه .. ومن ثم يصدّون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً لا استقامة فيها ولا عدالة، يصدّون أنفسهم ويصدّون الناس .. وحين يفلحون في صدّ أنفسهم وصدّ غيرهم عن سبيل الله، وحين يتخلّصون من استقامة سبيله وعدالتها، فعندئذ فقط يستطيعون أن يظلموا وأن يطغوا وأن يغشّوا وأن يخدعوا وأن يغروا الناس بالفساد، فيتم لهم الحصول على ما يبغونه من الاستثناء بخيرات الأرض والكسب الحرام .. والمتاع المرذول، والكبرياء في الأرض، وتعبيد الناس بلا مقاومة ولا استنكار!

وفي نفس السورة يطالعنا قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)} (إبراهيم)!

ونبصر التوكل على الله حقيقة دائمة (١)، يطلقها الرسل عليهم السلام، وعلى الله وحده يتوكل المؤمن، لا يتلفّت قلبه إلى سواه. ولا يرجو عوناً إلا منه،


(١) السابق: ٢٠٩١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>