للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلب المفزع الطائر الخاوي من كل وعي ومن كل إدراك .. كلها تشي بالهول الذي تشخص فيه بالأبصار!

هذا هو اليوم الذي يؤخرّهم الله إليه، والذي ينتظرهم بعد الإمهال هناك، فأنذر الناس أنه إذا جاء فلا اعتذار إلى الله يومئذ ولا فكاك منه .. وهنا يرسم مشهداً آخر لليوم الرعيب المنظور: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥)} (إبراهيم)!

أنذرهم يوم يأتيهم ذلك العذاب المرسوم آنفاً، فيتوجه الذين ظلموا يومئذ إلى الله بالرجاء، يقولون: {رَبَّنَا}!

الآن وقد كانوا يكفرون به من قبل، ويجعلون له أنداداً! {أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ}!

وهنا ينقلب السياق من الحكاية إلى الخطاب .. كأنهم ماثلون شاخصون ويطلبون .. وكأننا في الآخرة، وقد انطوت الدّنيا وما كان فيها، فها هو الخطاب يوجّه إليهم من الملأ الأعلى بالتبكيت والتأنيب، والتذكير بتفريطهم في تلك الحياة: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ}!

فكيف ترون الآن؟! زلتم يا ترى أم لم تزالوا؟! ولقد قلتم قولتكم هذه وآثار الغابرين شاخصة أمامكم مثلاً بارزاً للظالمين ومصيرهم المحتوم: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥)}!

<<  <  ج: ص:  >  >>