وهناك وإذاعتها حين يتلقّاها لسان عن لسان، سواء كانت إشاعة أمن أو إشاعة خوف .. فكلتاهما قد يكون لإشاعتها خطورة مدمّرة!، فإن إشاعة أمر الأمن مثلاً في معسكر متأهّب مستيقظ متوقّع لحركة من العدو .. إشاعة أمر الأمن في مثل هذا المعسكر تحدث نوعاً من التراخي -مهما تكن الأوامر باليقظة- لأن اليقظة النابعة من التحفّز للخطر غير اليقظة النابعة من مجرّد الأوامر! .. وفي ذلك التراخي قد تكون القاضية!
كذلك إشاعة أمر الخوف في معسكر مطمئن لقوّته، ثابت الأقدام بسبب هذه الطمأنينة، قد تحدث إشاعة أمر الخوف فيه خلخلة وارتباكاً، وحركات لا ضرورة لها لاتقاء مظان الخوف .. وقد تكون كذلك القاضية!
وعلى أيّة حال فهي سمة المعسكر الذي لم يكتمل نظامه، أو لم يكتمل ولاؤه لقيادته، أو هما معاً .. ويبدو أن هذه السمة وتلك كانتا واقعتين في المجتمع المسلم حينذاك، باحتوائه على طوائف مختلفة المستويات في الإيمان، ومختلفة المستويات في الإدراك، ومختلفة المستويات في الولاء .. وهذه الخلخلة هي التي كان يعالجها القرآن بمنهجه الرباني!
والقرآن يدلّ الجماعة المسلمة على الطريق الصحيح:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}!
أي لو أنهم ردّوا ما يبلغهم من أنباء الأمن أو الخوف إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إن كان معهم، أو إلى أمرائهم المؤمنين، لعلم حقيقته القادرون على استنباط هذه الحقيقة، واستخراجها من ثنايا الأنباء المتناقضة، والملابسات المتراكمة!
فمهمة الجندي في الجيش المسلم، الذي يقوده أمير مؤمن -بشرط الإيمان ذاك وحدّه- حين يبلغ إلى أذنيه خبر أن يسارع فيخبر به نبيّه أو أميره، لا أن ينقله