غُرِّم، ثم من سبّكم غُرِّم، فما أحِبُّ أن لي دبْراً ذهباً وإِنِّي آذيت رجلاً منكم (والدّبر بلسان الحبشة: الجبل) رُدّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، فوالله! ما أخذ الله منّي الرِّشْوة حين رَدَّ عليّ مُلكي، فآخُذَ الرَّشوة فيه، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه، قالت فخرجا من عنده مقْبوحين، مردوداً عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار!
قالت: فوالله! إِنا على ذلك إِذْ نَزَل به، يعني من يُنازعه في حُكمه، قالت: فوالله! ما علمنا حُزْناً قطّ كان أشدَّ من حُزن حَزِنّاه، عند ذلك، تخوّفاً أن يظهر ذلك على النجاشيّ، فيأتي رجل لا يعرف من حَقّنا ما كان النجاشيّ يعرف منه، قالت: وسار النجاشيّ وبينهما عرْض النّيل، قالت: فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ رجلٌ يخرج حتى يحضر وقعة القوم، ثم يأتينا بالخبر؟ قالت: فقال الزّبير بن العوام: أنا، قال: وكان من أحدث القوم سِناً، قالت: فنفخوا له قِربةً، فجعلها في صدره، ثم سَبَح عليها، حتى خرج إِلى ناحية النيّل التي بها مَلْتَقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت: ودعوْنا الله للنجاشيّ بالظّهور على عدوّه، والتمكين له في بلاده، واستَوْسَق عليه أمر الحبشة، فكنّا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة (١).
(١) أحمد: ١: ٢٠٢ بسند حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، إلا أنه مدلس وقد صرح هنا بالتحديث. وابن هشام: ١: ٣٥٧ - ٣٦٢، وأبو نعيم: الدلائل: ٢: ٣٠١ - ٣٠٤ من طريق يونس ابن بكير. وقسماً منه الطبراني (١٤٧٩)، وقوله: (هو روح الله وكلمته) قال السهيلي: كلمته: أي قال له كما قال لآدم حين خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون، ولم يقل: فكان، لئلا يتوهّم وقوع الفعل بعد القول بيسير، وإنما هو واقع للحال، فقوله: (فيكون) مشعراً بوقوع =