فإذا قال (الغرنوقيّون) إنه قد وقع فقد نسبوا الكذب المتعمّد على الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -! فيما بلّغه عنه، فأين الصدق الذي يدلّ عليه؟
وإذا نسب إليه - صلى الله عليه وسلم - الكذب في الأمر الأوّل المنسوخ فما برهان صدقه في الأمر الثاني، وهو الناسخ الذي نزل لمحو الباطل، وأنه ليس من عند الله، وإنما هو من عمل الشيطان وتلبيسه!
هذه كلها أباطيل حكيت من نسج الزندقة وأخبث الكفر، وخدع بها الأغرار -إن صحت بعض روايات المراسيل في أكذوبة الغرانيق- فكيف قبلها الشيخ الإِمام ابن تيمية، وهو صاحب الرسوخ في فقه الرواية ونقد الأسانيد؟!
وقد انتهى الشيخ الإِمام ابن تيمية إلى القول بأن الذين يثبتون العصمة بمعنى عدم وقوع الذنب من الأنبياء والمرسلين، ولاسيّما فيما يبلّغونه عن الله تعالي تأوّلوا بمثل تأويلات (الجهميّة) و (القدريّة) و (الدّهريّة) لنصوص (الأسماء والصفات) ونصوص (القدر) ونصوص (المعاد)، بل أوسع الشيخ في التهمة للنافين وقوع الذنب من الأنبياء والرسل فرماهم بـ (القرمطة) إلى أن قال: وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم، ويريد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم!
وتهمة (الجهميّة) و (القدريّة) و (القرمطة) تهمة تقليديّة شائعة، ولا سيّما في عصر الشيخ الإِمام ابن تيميّة على ألسنة المنتحلين لطريقته ومذهبه، يُرمى بها كل من يفهم نصوص الأسماء والصفات فهماً تنزيهيًّا يليق بجلال الله وكمال ألوهيَّته!
يقول الشيخ عرجون: وإنما عرضنا رأي الشيخ الإمام وناقشناه مناقشة