للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفّار المعاندين، فيجعلون في مثل هذه الأحوال مادّةً للجدل واللّجاج والشقاق: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)} (الحج)!

وأما الذين أوتوا العلم والمعرفة فتطمئن قلوبهم إلى بيان الله وحكمه الفاصل: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)} (الحج)!

وفي حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي تاريخ الدعوة الإِسلامية نجد أمثلة من هذا، تغنينا عن تأويل الكلام، الذي أشار إليه الإِمام ابن جرير رحمه الله!

وهنا نذكر ما رواه الترمذي وغيره عن عائشة رضي الله عنها قال:

أنزل {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١)} (عبس)! في ابن أمّ مكتوم الأعمى، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول: يا رسول الله! أرشدني، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من عظماء المشركين، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعرض عنه، ويُقبل على الآخر، ويقول: "أترى بما أقول بأساً" فيقول: لا، ففي هذا أنزل! (١)

وقد أجمع المفسّرون على أن سبب نزول الآية: أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد طمع في إِسلامهم، فأقبل عبد الله بن أمّ مكتوم، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع عليه ابن أمّ مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت. (٢)

وتطالعنا الآيات: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)


(١) الترمذي (٣٣٣١)، وعلله الكبير (٦٦٧)، وصحيح الترمذي (٢٦٥١)، وأبو يعلى (٤٨٤٨)، والطبري: التفسير: ٣٠: ٥٠، والحاكم: ٢: ٥١٤، وابن حبان (٥٣٥).
(٢) انظر: الشوكاني: ٥: ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>