العربي المنطوق كما يلفظه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولتقرير أن الجنّ خلق قابلون للإيمان وللكفران، مستعدّون للهُدى وللضلال، وليس هناك من حاجة إلى تثبيت أو تأكيد لهذه الحقيقة؛ فما يملك إنسان أن يزيد الحقيقة التي يقرّرها الله سبحانه ثبوتاً!
وهذا الكون من حولنا حافل بالأسرار .. حافل بالقوى والخلائق المجهولة لنا كنهاً وصفةً وأثراً .. ونحن نعيش في أحضان هذه القوى والأسرار .. نعرف منها القليل، ونجهل منها الكثير، وفي كل يوم نكشف بعض هذه الأسرار، وندرك بعض هذه القوى، ونتعرّف إلى بعض هذه الخلائق تارةً بذواتها. وتارةً بصفاتها، وتارةً بمجرّد آثارها في الوجود من حولنا!
ونحن ما نزال في طريق المعرفة لهذا الكون، الذي نعيش نحن وآباؤنا وأجدادنا، ويعيش أبناؤنا وأحفادنا، على ذرّة من ذرّاته الصغيرة .. هذا الكوكب الأرضيّ الذي لا يبلغ أن يكون شيئاً يذكر في حجم الكون أو وزنه!
وما عرفناه اليوم -ونحن مانزال في الطريق- يعدّ بالقياس إلى معارف البشريّة قبل خمسة قرون فقط عجائب أضخم من عجيبة الجنّ، ولو قال قائل للناس قبل خمسة قرون عن شيء من أسرار الذرّة التي نتحدّث عنها اليوم لظنّوه يتحدّث عمّا هو أشدّ غرابةً من الجن قطعاً!
ونحن نعرف ونكشف في حدود طاقتنا البشريّة، المعدّة للخلافة في هذه الأرض، ووفق مقتضيات هذه الخلافة، وفي دائرة ما سخّره الله لنا ليكشف لنا عن أسراره، وليكون لنا ذلولاً، كيما نقوم بواجب الخلافة في الأرض .. ولا نتعدّى معرفتنا وكشوفنا في طبيعتها وفي مداها -مهما امتدّ الأجل بالبشريَّة،