للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إِليها الرمح ليطعنها به، وأصابته غيْرةٌ فقالت له: اكْفُفْ عليك رُمْحَك، وادخُل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإِذا بحيّة عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إِليها بالرمّح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدّار، فاضطربت عليه، فما يُدري أيّهما كان أسرع موتاً، الحيّة أم الفتى؟ قال فجئنا إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادْعُ الله يُحْييه لنا، فقال: "استغفروا لصاحبكم" ثم قال: "إِن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيّام، فإِن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإِنما هو شيطان".

وفي رواية: "إِن لهذه البيوت عوامر، فإِذا رأيتم شيئاً منها فحرّجوا عليها ثلاثاً، فإِن ذهب، وإِلا فاقتلوه، فإِنه كافر"، وقال لهم: "اذهبوا فادفنوا صاحبكم" (١).

وفي رواية للشيخين وغيرهما عن ابن عُمر رضي الله عنهما: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر يقول: "اقتلوا الحيّات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإِنهما يطمسان البصر، ويستسقطان الحبل" (٢).

هذا، والجنّ الذين سخّروا لسليمان عليه السلام (٣)، كانوا يقومون بأعمال في الأرض تقتضي أن يكونوا مزوّدين بالمدرة على الحياه فيها، وأن للجن قدرةً


(١) مسلم: ٣٩ - السلام (٢٢٣٦)، ومالك: ٢: ٩٧٦ - ٩٧٧، وأبو داود (٥٢٥٩)، والترمذي بعد الحديث (١٤٨٤)، وابن حبان (٥٦٣٧).
(٢) البخاري: ٥٨ - بدء الخلق (٣٢٩٧)، وانظر (٣٣١٠، ٣٣١٢، ٤٠١٦)، ومسلم (٢٢٣٣)، والحميدي (٦٢٠)، وأحمد: ٢: ١٢١٠٩، والبغوي (٣٢٦٣)، وابن حبان (٥٦٣٨).
(٣) في ظلال القرآن: ٦: ٣٢٧١ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>