كذلك على الحياة خارج هذا الكوكب، لقول الله تعالى حكايته عن الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩)} (الجن)!
وأنه يملك التأثير في إدراك البشر، وهو مأذون في توجيه الضالّين منهم -غير عباد الله- للنصوص السابقة، ولقوله تعالى في حكاية إبليس اللعين: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} (ص)!
وأنه يستطيع أن يسمع صوت الإنسان ويفهم لغته، بدلالة استماع نفر من الجن للقرآن وفهمه والتأثّر به، وأنه قابك للهدى والضلال، بدلالة قول هذا النفر: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (١٤) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} (الجن)!
وبدليل ذهابهم إلى قومهم منذرين، يدعونهم إلى الإيمان بعد ما وجدوه في نفوسهم، وعلموا أن قومهم لم يجدوه بعد!
نعود فنرى تدبيراً من الله تعالى أن يصرف هؤلاء النفر من الجنّ إلى استماع القرآن في هذا الوقت، بعد تلك الظروف القاسية التي عرضنا لها، لا مصادفةً عابرةً، وكان في تقدير الله أن تعرف الجنّ نبأ الرسالة الخالدة الخاتمة الأخيرة، كما عرفت من قبل رسالة موسى عله السلام، وأن يؤمن فريق منهم وينجو من النار المعدّة لشياطين الجنّ، كما هي معدّة لشياطين الإنس سواء!