وهنا نبصر تعجيباً من أولئك الذين لا يستجيبون لله، حاسبين أنهم سيفلتون، أو أنه ليس هناك حساب ولا جزاء!
وتلك لفتة إلى كتاب الكون المنظور .. وكثيراً ما يتضمّن السياق القرآني مثل هذا التناسق .. فيتم التطابق على الحقيقة الواحدة في السورة الواحدة!
وكتاب الكون يشهد بالقدرة البدعة ابتداء لهذا الخلق الهائل: السماوات والأرض، ويوحي للحسّ البشريّ بيسر الإحياء بعد الموت .. وهذا الإحياء هو المقصود، وصياغة القضية في أسلوب الاستفهام، والجواب أقوى وآكد في تقرير هذه الحقيقة .. تم يجيء التعقيب التالي: {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)} فتضم الإحياء وغيره في نطاق هذه القدرة الشاملة لكل شيء كان أو يكون!
ويبدأ المشهد حكايته أو مقدمة لحكاية:{وَيَوْمَ يعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}! وبينما السامع في انتظار وصف ما سيكون، إذا المشهد يشخص بذاته، وإذا الحوار قائم في المشهد المعروض:{أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقّ}!
ويا له من سؤال؟ بل يا لها من قارعة للذين كانوا يكذبون ويستهزئون ويستعجلون .. واليوم تتلوَّى أعناقهم على الحق الذي كانوا ينكرون، والجواب في خزي وفي مذلّة وفي ارتياع:{بَلَى وَرَبِّنَا}! هكذا هم يقسمون: {وَرَبِّنَا}! .. ربهم الذي كانوا لا يستجيبون لداعيه، ولا يستمعون لنبيه ولا يعترفون بربوبيته، ثم هم اليوم يقسمون على الحق الذي أنكروه!