للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك أهم روايات انشقاق القمر .. تحددّ مكان الحادث وزمانه وهيئته .. وهي آية واجه بها القرآن الكريم المشركين في حينه، ولم يرو عنهم تكذيب لوقوعه، فلا بد أن يكون قد وقع فعلاً بصورة يتعذَّر معها التكذيب (١)، ولو على سبيل المراء الذي كانوا يمارونه في الآيات، لو وجدوا منفذاً للتكذيب، وكل ما روي عنهم أنهم قالوا: سحرنا! ولكنهم هم أنفسهم اختبروا الأمر، فعرفوا أنه ليس بسحر، فلئن كان قد سحرهم فإنه لا يسحر المسافرين خارج مكة الذين رأوا الحادث وشهدوا به، حين سئلوا عنه، كما في بعض الروايات!

ونبصر توجيه القلب البشريّ إلى آيات الله القائمة في الأنفس والآفاق، وفي أحداث التاريخ سواء .. ومن ثم نبصر الإشارة إلى اقتراب الساعة، باعتبار هذه البشارة لمسة للقلب البشريّ ليستيقظ ويستجيب!

وانشقاق القمر إذن كان آيةً كونيّةً يوجه القرآن الكريم القلوب إليها، كما يوجّهها دائماً إلى الآيات الكونيّة الأخرى، ويعجب من أمرهم وموقفهم إزاءها، كما يعجب من مواقفهم تجاه آيات الله الكونيّة الأخرى!

إن الخوارق الحسّيّة قد تدهش القلب البشريّ في طفولته، قبل أن يتهيأ لإدراك الآيات الكونيّة القائمة الدائمة والتأثر بإيقاعها الثابت الهادئ ..


= الدلائل: ٢: ٢٦٤، ٢٦٥، وعبد الرزاق: التفسير: ٢: ٢٥٧ مطوّلاً، والحاكم: ٢: ٤٧١ - ٤٧٢، والترمذي (٣٢٨٥، ٣٢٨٦، ٣٢٨٧)، والطبري: التفسير: ٢٧: ٨٥، وانظر: فتح القدير للشوكاني: ٥: ١٢٣.
(١) في ظلال القرآن: ٦: ٣٤٢٦ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>