للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن إسحاق (١): حدّثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس: أن معاوية بن أبي سفيان قال: كانت رؤيا من الله تعالى صادقة!

قلت: يعقوب بن عتبة هذا مات سنة ١٢٨ هـ بينما معاوية - رضي الله عنه - توفي سنة ٦٠ هـ، فالحجة منقطعة؛ لأنه لم يدرك معاوية (٢).

وقال ابن القيّم بعد أن ذكر قول ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية، والحسن (٣): ولكن ينبغي أن يُعلم الفرق بين أن يقال: كان الإسراء مناماً، وبين أن يقال: كان بروحه دون جسده، وبينهما فرق عظيم، وعائشة ومعاوية لم يقولا: كان مناماً، وإنما قالا أسري بروحه ولم يفقد جسده، وفرق بين الأمرين، فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالاً مضروبة للمعلوم في الصور المحسوسة، فيرى كأنه قد عُرج به إلى السماء، أو ذُهب به إلى مكّة وأقطار الأرض، وروحه لم تصعد ولم تذهب، وإنما تلك الرؤيا ضرب له المثال، والذين قالوا: عُرج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طائفتان:

طائفة قالت: عُرج بروحه وبدنه!

وطائفة قالت: عُرِج بروحه ولم يفقد بدنه!

وهؤلاء لم يريدوا أن المعراج كان مناماً، وإنما أرادوا أن الروح ذاتها أُسري بها، وعُرج بها حقيقة، وباشرت من جنس ما تباشر به بعد المفارقة، وكان حالها في ذلك كحالها بعد المفارقة في صعودها إلى السماوات سماءً


(١) ابن هشام: ٢: ٤٦.
(٢) الإصابة: ٦: ١١٤.
(٣) زاد المعاد: ٣: ٤٠ - ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>