سماءً، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فتقف بين يدي الله عَزَّ وَجَلَّ، فيأمر فيها بما يشاء، ثم تنزل إلى الأرض، والذي كان لرسول - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء أكمل مما يحصل للروح عند المفارقة!
ومعلوم أن هذا أمر فوق ما يراه النائم، لكن لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقام خَرْق العوائد، حتى شُقَّ بطنه، وهو حيٌّ لا يتألم بذلك، عُرِج بذات روحه المقدّسة حقيقة من غير إماتة، ومن سواه لا ينال بذات روحه الصعود إلى السماء إلا بعد الموت والمفارقة، فالأنبياء إنما استقرّت أرواحهم هناك بعد مفارقة الأبدان، ورُوح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعدت إلى هناك في حال الحياة ثم عادت، وبعد وفاته استقرّت في الرّفيق الأعلى مع أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام!
ومع هذا، فلها إشراف على البدن، وإشراق وتعلّق به، بحيث يردّ السلام على مَن سلّم عليه (١)!
وبهذا التعلّق رأى موسى قائماً يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة، ومعلوم أنه لم يُعرج بموسى من قبره، ثم رُدّ إليه، وإنما ذلك مقام روحه واستقرارها. وقبره مقام بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح إلى أجسادها، فرآه يُصَلِّي في قبره، ورآه في السماء السادسة!
(١) الحديث رواه أحمد وغيره بسند حسن عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحد يسلِّم عليَّ، إلَّا ردّ الله عَزَّ وَجَلَّ إليَّ روحي حتى أردّ عليه السلام" أحمد: ٢: ٥٢٧، وفيه أبو صخر -حميد بن زياد الخراط- حسن الحديث، روى له مسلم، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو داود (٢٠٤١)، والبيهقي: ٥: ٢٤٥، والطبراني: الأوسط (٣١١٦).