للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطست من ذهب فيه تَوْرٌ (١) من ذهب، محشُوًّا إيمانًا وحكمةً، فحشا به صدره ولغاديده -يعني عروق حلقه- (٢)، ثم أطبقه!

ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب بابًا من أبوابها، فناداه أهل السماء، من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمَّد، قال: وقد بُعث؟ قال: نعم، قالوا: فمرحبًا به وأهلًا، فيستبشر به أهل السماء، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض، حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك فسَلِّمْ عليه، فَسَلَّمَ عليه، وردّ عليه آدم، وقال: مرحبًا وأهلًا بابني، نعم الابن أنت!

فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطّردان، فقال: "ما هذان النهران يا جبريل؟ " قال: هذان النِّيل والفرات، عنصرهما (٣)، ثم مضى في السماء، فإذا نهر آخر عليه قصرٌ من لؤلؤ وزبرجد، فضرب يده فإذا هو مسك أذْفر (٤)، قال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا الكوثر الذي خَبَأ لك ربّك!


(١) توْرٌ -بفتح التاء المثناة من فوق وبالراء- هو إناء يشرب فيه: السابق، وانظر: فتح الباري: ١٣: ٤٨١ ففيه زيادة بيان.
(٢) قال أهل اللغة: هي اللحمات التي تكون بين الحنك وصفحة العنق، واحدها لغدود ولغديد، ويقال: لغد، وجمعه ألغاد: مجمل اللغة (لغد) وفتح الباري: ١٣: ٤٨١.
(٣) أي عنصر النيل والفرات، والعُنصر -بضم العين والصاد المهملتين بينهما نون ساكنة- هو الأصل، انظر: السابق.
(٤) أي جيد إلى الغاية، شديد ذكاء الريح: عمدة القاري: ٢٥: ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>