للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أليس الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣]!

قال: ويحك، ذاك إذا تجلّى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى ربّه مرتين!

قال ابن حجر: وحاصله أن الراد بالآية نفي الإحاطة به عند رؤياه، لا نفي أصل رؤياه!

واستدل القرطبي في (المفهم) لأنّ الإدراك لا ينافي الرؤية بقوله تعالى حكايته عن أصحاب موسى:

{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)} [الشعراء]!

وهو استدلال عجيب؛ لأنّ متعلق الإدراك في آية الأنعام البصر، فلما نفى كان ظاهره نفي الرؤية، بخلاف الإدراك الذي في قصّة موسى، ولولا وجود الإخبار بثبوت الرؤية ما ساغ العدول عن الظاهر!

ثم قال القرطبي: الأبصار في الآية جمع محلّى بالألف واللام، فيقبل التخصيص، وقد ثبت دليل ذلك سمعًا في قوله تعالى:

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين].

فيكون المراد الكفّار، بدليل قوله تعالى في الآية الأخرى:

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة]!

<<  <  ج: ص:  >  >>