للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل قوّة -غير قوّة الله- هزيلة!

وكل سلطان -غير سلطان الله- لا يُخاف!

ولكن إبراهيم عليه السلام في عمق إيمانه، واستسلام وجدانه، لا يريد أن يجزم بشيء إلا مرتكنًا إلى مشيئة الله الطليقة، وإلى علم الله الشامل:

{إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)}!

إنه يكل إلى مشيئة الله حمايته ورعايته، ويعلن أنه لا يخاف من آلهتهم شيئًا؛ لأنه يركن إلى حماية الله ورعايته، ويعلم أنه لا يصيبه إلا ما شاء الله، ووسعه علمه الذي يسع كل شيء!

{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١)} [الأنعام: ٨١]!

إنه منطق المؤمن الواثق المدرك لحقائق الوجود!

إنه إن كان أحد قمينًا بالخوف فليس هو إبراهيم!

وليس المؤمن المطمئن الذي يمضي في الطريق!

وكيف يخاف ما أشرك هؤلاء، ولا ما يتبدّى -أحيانًا- في صورة جبّارين في الأرض بطاشين، وهم أمام قدرة الله مهزولون مضعوفون!

كيف يخاف إبراهيم هذه الآلهة الزائفة العاجزة، ولا يخافون هم أنهم أشركوا بالله، ما لم ينزل به سلطانًا، ولا قوّةً من الأشياء والأحياء؟

هذا، وأيّ الفريقين هنا أحق بالأمن؟

الذي يؤمن بالله تعالى ويكفر بالشركاء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>