للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن أتباع الرسل تفرقوا: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}!

ولأن: {الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤)}!

لهذا وذاك، ولخلوّ مركز القيادة البشريّة من قائد ثبت مستيقن يعرف طريقه إلى الله .. أرسل الله عز وجلّ محمداً - صلى الله عليه وسلم -، ووجّه إليه الأمران يدعو وأن يستقيم على دعوته، وألا يلتفت إلى الأهواء المصطرعة حوله وحول دعوته الواضحة المستقيمة، وأن يعلن تجديد الإيمان بالدعوة الواحدة التي شرعها الله للنبيين أجمعين:

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥)} (الشورى)!

يقول ابن كثير: (اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات، كل منها منفصلة عن التي قبلها، حكم برأسها، قالوا: ولا نظير لها إلا آية الكرسي، فإنها -أيضاً- عشرة فصول كهذه) (١).

إنها القيادة الجديدة للبشريّة جمعاء .. القيادة المستقيمة على نهج واضح ويقين ثابت .. القيادة التي تدعو إلى الله على بصيرة .. وتستقيم على أمر الله دون انحراف .. وتنأى عن الأهواء المضطربة من هنا وهناك!

القيادة التي تعلن وحدة النهج والطريق .. وتردّ الإيمان إلى أصله الثابت الواحد .. وتردّ البشرية إلى ذلك الأصل الواحد!


(١) تفسير ابن كثير: ٤: ١٠٩، وانظر: بدائع التفسير: ٤: ١١٤ - ١١٥ والتحرير والتنوير: ٦٠٢٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>