للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البيت الحرام، وفي فترَة الإحرام بالنسبة للمحرم، حتى وهو لم يبلغ الحرم، كما جعل الأشهر الحرم الأربعة لا يجوز فيها القتل ولا القتال!

جعلها الله كذلك؛ لأنه أراد للكعبة -بيت الله الحرام- أن تكون مثابة أمن وسلام، تقي الناس الخوف والفزع!

كذلك جعل الأشهر الحرم، لتكون منطقة أمن في الزمان، كالكعبة منطقة أمن في المكان!

ثم مدّ رواق الأمن خارج منطقة الزمان والمكان، فجعله حقًّا للهدي -وهو النّعم- الذي يطلق ليبلغ الكعبة .. فلا يمسه أحد في الطريق بسوء، كما جعله لمن يتقلّد من شجر الحرم، معلناً احتماءه بالبيت العتيق!

لقد جعل الله عَزَّ وَجَلَّ هذه الحرمات، وجعل الكعبة البيت الحرام مثابةً للناس وأمناً!

حتى لقد امتنَّ به على المشركين أنفسهم؛ إذ كان بيت الله بينهم -كما أسلفنا- مثابةً لهم وأمناً، والناس من حولهم يتخطفون، وهم فيه وبه آمنون، ثم هم بعد ذلك لا يشكرون الله، ولا يفردونه بالعبادة في بيت التوحيد:

{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧)} (القصص)!

إنها النظرة السطحيّة الخاطئة (١)، أوحت إلى هؤلاء أن اتباع هدى الله يعرضهم للمخافة، ويُغري بهم الأعداء!


(١) السابق: ٥: ٢٧٠٣ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>