أفمن أمّنهم وهم عصاة، يدع الناس يتخطفونهم وهم تقاة؟
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}!
لا يعلمون أين يكون الأمن!
وأين تكون المخافة!
ولا يعلمون أن الأمر لله!
وهؤلاء الذين كانوا يدينون بحرمة البلد الحرام والبيت الحرام، ويستمدّون سيادتهم من عقيدة تحريم البيت، كيف لا يوحّدون الله الذي حرّمه وأقام حياتهم عليه!
ويطالعنا إعلان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه مأمور أن يعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها، لا شريك له، وأن ربّ هذه البلدة هو ربّ كل شيء في الوجود، وأنه مأمور بأن يكون من المسلمين. والرّعيل الممتدّ في الزمن المتطاول من الموحدّين:
ويطالعنا ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو ابن سعيد. وهو يبعث البعوث إِلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدِّثك قولاً قام به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلّم به: حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"إِن مكّة حرّمها الله، ولم يُحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضدَ بها شجرةً، فإِن أحد ترخَّص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا: إِن الله قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم،