للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض وسيادتها وفق المنهج الرباني وسيلة إلى سعادة الآخرة، بشرط اتباع هُدى الله والتوجيه إليه بالعمل، والتطلّع إلى رضاه!

وما حدث قطّ في تاريخ البشريّة أن استقامت جماعة على هدى الله إلا منحها القوّة والمنعة والسيادة في نهاية المطاف، بعد إعدادها لحمل هذه الأمانة .. أمانة الخلافة في الأرض، وتصريف الحياة!

وإن الكثيرين ليشفقون من اتباع شريعة الله، والسير على هداه .. يشفقون من عداوة أعداء الله ومكرهم .. ويشفقون من تألّب الخصوم عليهم .. ويشفقون من المضايقات في الحياة!

وإن هي إلا أوهام كأوهام قريش يوم قالت للرسول - صلى الله عليه وسلم -:

{إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}!

فلما تبعت هدى الله سيطرت على مشارق ومغاربها في ربع قرن أو أقلّ من الزمان!

وقد ردّ الله عليهم في وقتها بما يكذّب هذا العذر الموهوم!

فمن الذي وهبهم الأمن في رحاب الحرم الآمن؟

ومن الذي جعل الكعبة البيت الحرام قياماً للناس؟

ومن الذي جعل القلوب تهوي إليهم تحمل من ثمرات الأرض جميعاً؟ تتجمع في الحرم من كل أرض، وقد تفرّقت في مواطنها ومواسمها الكثيرة:

{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا}!

فما بالهم يخافون أن يتخطفهم الناس لو اتبعوا هُدى الله، والله هو الذي مكّن لهم هذا الحرم منذ أيّام إبراهيم عليه السلام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>