وهي المسؤولة عما يحل بها؛ لأنها لم تضرب على أيدي هؤلاء المفسدين، ولم تصلح من نظامها الذي يسمح بوجود هؤلاء المتحلّلين، فوجودهم ذاته هو السبب الذي من أجله سلّطهم الله عليهم ففسقوا, ولو أخذت عليهم الطريق فلم تسمح لهم بالظهور فيها ما استحقّت الهلاك، وما سلّط الله عليها من يفسق فيها ويفسد فيقودها إلى الهلاك!
إن الله قد جعل للحياة البشرية نواميس لا تتخلّف، وسنناً لا تتبدّل، وحين توجد الأسباب تتبعها النتائج، فتنفذ إرادة الله، وتحق كلمته!
والله لا يأمر بالفسق، ولا يأمر بالفحشاء، لكن وجود هؤلاء في ذاته دليل على أن الأمّة قد تخلخل بناؤها، وسارت في طريق الانحلال، وأن قدر الله سيصيبها جزاءً وفاقاً .. وهي التي تعرّضت لما أصابها بسماحها لهؤلاء بالوجود والحياة!
فالإرادة هنا ليست إرادة للتوجيه القهري الذي ينشئ السبب؛ ولكنها ترتّب النتيجة على السبب .. الأمر الذي لا مفرّ منه؛ لأن السنّة جرت به .. والأمر ليس أمراً توجيهياً إلى الفسق، ولكنه إنشاء النتيجة الطبيعيّة المترتّبة على وجود هؤلاء المترفين، وهي الفسق!
وهنا تبرز تبعة الجماعة في ترك النظم الفاسدة تنشئ آثارها التي لا مفرّ منها، وعدم الضرب على أيدي المفسدين فيها، كي لا يفسقوا فيها فيحقّ عليها القول فيدمّرها تدميراً!
هذه السنة قد مضت في الأوّلين من بعد نوح، قرناً بعد قرن، كلما فشا التحلّل في أمّة انتهى بها إلى ذلك المصير، والله هو الخبير بذنوب عباده، البصير: