للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (١٧)}!

ونبصر الحديث في الآيات التي معنا يبدأ بذكر كتاب موسى وما اشتمل عليه من إنذار لبني إسرائيل، وتذكير لهم بهذا النبي -نوح- العبد الشكور، والأوّلين الذين حملوا معه في السفينة:

{وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)}!

ذلك الإنذار وهذا التذكير مصداق لوعد الله الذي يتضمّنه سياق السورة كذلك، وذلك ألاّ يعذّب الله قوماً، حتى يبعث إليهم رسولًا ينذرهم ويذكّرهم .. وقد نصّ على هذا -كما سبق- ومن ثم فلا اعتماد إلا على الله وحده، فهذا هو الهُدى وهذا هو الإيمان .. ولقد خاطبهم باسم الآباء الذين حملهم مع نوح، وهم خلاصة البشريَّة على عهده .. ليذكّرهم باستخلاص الله للأوّلين، مع نوح العبد الشكور، وليردّهم إلى هذا النسب المؤمن العريق!

في ذلك الكتاب الذي آتاه الله لموسى -عليه السلام- ليكون هدى لبني إسرائيل، أخبرهم بما قضاه عليهم من تدميرهم بسبب إفسادهم في الأرض .. وتكرار هذا التدمير مرّتين، لتكرّر أسبابه من أفعالهم .. وأنذرهم بمثله كلما عادوا إلى الإفساد في الأرض، كما قضى الله سنته الجارية التي لا تتخلّف:

{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)}!

<<  <  ج: ص:  >  >>