للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول، ولا بالآيات الهادية، فاستوى عليه الشيطان، وأمسى مطروداً من حمى الله، لا يهدأ ولا يطمئن إلى قرار!

ولكن البيان القرآنيّ المعجز لا يصوغ المثل هذه الصياغة، إنما يصوّره في مشهد حيّ متحرّك، عنيف الحركة، شاخص السمات، بارز الملامح، واضح الانفعالات، يحمل كل إيقاعات الحياة الواقعة، إلى جانب العبارات الموحية:

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧)} (الأعراف)!

روى عبد الرزاق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: هو رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعام بن باعوراء، رواه شعبة وغير واحد عن منصور به ..

وتعدّدت الروايات وتنوَّعت فيمن هو!

قال ابن كثير: المشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة إنما هو رجل من المتقدّمين في زمن بني إسرائيل، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف! (١)

وجاء في النار: والضمير في قوله {عَلَيْهِم} للناس المخاطبين بالدعوة، وأوّلهم كفَّار مكّة، والسورة مكيّة، وقيل: لليهود؛ لأن المثل تابع لقصة موسى في السورة! (٢)


(١) تفسير ابن كثير: ٢: ٢٦٤ - ٢٦٥ بتصرف.
(٢) تفسير المنار: ٩: ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>