للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله (١)، فإذا ما سار أهل مكة على هذا الطريق المعوج الذي سار عليه بنو إسرائيل بعد أن جاءهم خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم - بالهُدى ودين الحق، فسيصيبهم من العقاب ما أصابهم!

وهذا التفصيل الذي تحدّث القرآن به هنا عن بني إسرائيل، قد جاء ما هو أطول منه بكثير في سور مكّية، كسور: الشعراء، والأعراف، وطه، والقصص، وغير ذلك من السور المكّية التي تحدّثت عنهم باستفاضة!

وإذن فهناك مقتضى لهذا الحديث المفصّل عن بني إسرائيلَ في سورة الإسراء المكّيّة، وهو تماثل موقف أهل مكّة وبني إسرائيل من الدّين الحق، ومخالفة الفريقين لشريعة سماويّة خالدة، هي شريعة الإِسلام، لا لقانون وضعي أو لعرق دنيوي، وتبشير المسلمين بحسن العقبى، لاستجابتهم لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ثالثاً: قال في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا}!

لا تنطبق هذه المرّة تمام الانطباق الأعلى الذين قاموا به على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وما عاقبهم الله به، وسلّط عليهم فيه ... إلخ!

ونحن لا نوافقه فيما ذهب إليه، للأسباب التالية:

١ - الذي عليه المفسّرون أن المراد بالأرض في قوله تعالى: {وَقضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ في الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}!

أرض الشام التي كان يسكنها اليهود وقت نزول التوراة، وليس المراد بها أرض الجزيرة العربية؛ لأنها -كما سبق- لم تكن سكناً لهم عند نزول التوراة!

٢ - نحن نعرف أنه قد حصل منهم إفساد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو معروف


(١) بنو إسرائيل في القرآن والسنة: ٣: ٣٨٥ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>