-ولكن هذا الإفساد-رغم ضراوته- كان دون ما قاموا به من إفساد قبل ذلك، بدليل أن الحق تبارك وتعالى قد نعى عليهم في القرآن الكريم، رذائل كثيرة اقترفوها!
منها أنهم قتلوا قبل بعثة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - بعض أنبياء الله، وحاولوا قتل عيسى عليه السلام، واتخذوا لذلك كل الطرق والوسائل، إلا أنهم لم يفلحوا في مسعاهم لأسباب خارجة عن إرادتهم!
وإذن فإفسادهم في الأرض قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أشدّ وأفحش من إفسادهم بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم -!
٣ - إفسادهم في الأرض في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم، كان يأخذ في غالبه طابع النفاق والمخادعة، وعدم المجاهرة، خوفاً من المسلمين، عدا ما حدث من معارك خيبر، أما إفسادهم قبل ذلك فكان يأخذ طابع الظلم الصريح، والعصيان الواضح، والطغيان المعتمّد، كما يفيده قوله تعالى: {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)}!
وهذا يدل على أن المقصود بإفسادهم في الأرض مرّتين ما كان منهم قبل بعثة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -!
٤ - قوله تعالى: {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)}! هذا العلوّ الكبير الذي وصفتهم به الآية الكريمة لا ينطبق على حالهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد أصحابه رضي الله عنهم؛ لأن اليهود في هذه الفترة كانوا يمثّلون جزءاً من اليهود المنتشرين في الأرض، وبلغ بهم ضعف الحال أن بعضهم انضمَّ إلى طائفة الخزرج، وبعضهم انضم إلى طائفة الأوس -كما سيأتي- فإذا ما حصل قتال بين