للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: جزم بأن المعاقبين لليهود في المرّة الأولى لا تنطبق أوصافهم إلا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم الذين يستحقون شرف هذه النسبة .. وهم الذين لم يكلفهم تأديب اليهود إلا أن جاسوا خلال الديار، أما أتباع (بخت نصر) فقد ذكروا أنه قتل على دم زكريّا وحده سبعين ألفاً .. فهو اجتياح وليس جوساً!

ونحن نخالفه في ذلك لأمور، أهمها:

أ- أن الناس جميعاً مؤمنهم وكافرهم عباد الله تعالى، والذين سلّطهم الله على بني إسرائيل لإذلالهم بعد إفسادهم الأوّل هم عباد لله مع كفرهم!

ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى:

{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (١٦)} (الزمر)!

ففي هذه الآية نسب الله تعالى العباد إلى نفسه بصيغة العموم التي تشمل مؤمنهم وكافرهم، وهناك آيات أخرى نسب الله فيها العباد جميعاً إلى ذاته، سواء أكانوا مؤمنين أم كافرين! (١)

ب- يقول: وهم الذين لم يكلّفهم تأديب اليهود إلا أن جاسوا خلال الديار .. ولم يبيّن لنا معنى الجوس عنده، إلا أن الذي يفهم من كلامه أن الجوس -في رأيه- معناه التردّد بين الدور والمساكن بدون قتال يُذكر!

وهذا التفسير للجوس -في رأينا- يأباه سياق الآيات، ومخالف للمشهور عن أئمّة التفسير واللغة!


(١) انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم (عبد).

<<  <  ج: ص:  >  >>