للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروي البخاري عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحبّ إِليّ من كل شيء إِلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبّ إِليك من نفسك". فقال له عمر: فإِنه الآن والله! لأنت أحب إِليّ من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عمر" (١)!

ويصور لنا مدى الحب في صورة عمليّة ما رواه مسلم وغيره عن أنس قال: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابُه، فما يريدون أن تقع شعرة إِلا في يد رجل (٢)!

وفي رواية له قال: دخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال عندنا - فَعَرِق، وجاءت أمّي بقارورة -فَجَعلتُ تَسْلِتُ العرق فيها- فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا أم سُلَيم! ما هذا الذي تصنعين"؟

قالت: هذا عرقُك نجعله في طيبِنا، وهو مِنْ أطيب الطيب!

وفي رواية قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل بيت أم سُلَيمْ، فينام على فراشها -وليست فيه- قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها - فأُتيتْ فقيل لها: هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - نام في بيتك، على فراشك، قال فجاءت وقد عَرِقَ، واستَنقَعَ عَرقُه على قطعة أديم، على الفراش، ففتَحت عَتيدتَهَا، فجعلت تُنَشِّفُ ذلك العرق فتعصِرهُ في قواريرها، ففزع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:


(١) البخاري: ٨٣ - الأيمان (٦٦٣٢).
(٢) مسلم: ٤٣ - الفضائل (٢٣٢٥، ٢٣٣١، ٢٣٣٢) وأحمد: ٣: ١٣٦، وعبد بن حميد (١٢٦٨)، والبغوي (٣٦٦١)، والطبراني: الكبير: ٢٥ (٢٨٩)، وأبو نعيم: الحلية: ٢: ٦١، والبيهقي: الشعب (١٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>