للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما تصنعين يا أم سُليم؟ " فقالت: يا رسول الله! نرجو بركته لصبياننا، قال: "أصبت"!

وفي رواية عن أنس عن أم سُليم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيها فيَقيل عندها، فتبسُط له نطْعاً فيقيل عليه، وكان كثير العرق -فكانت تجمع عرقه فتجعلُه في الطّيبَ والقوارير- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أم سليم! ما هذا؟ " قالت: عرقك أدُوفُ به طيبي!

قال القرطبي في تصوير حال من آمن إِيماناً صحيحاً ومدى الصلة بهذا الحب للرسول - صلى الله عليه وسلم -:

(كل من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إيماناً صحيحاً لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبّة الراجحة، غير أنهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى، كمن كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الغفلات في أكثر الأوقات، ولكن الكثير منهم إذا ذُكر النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتاق إلى رؤيته، بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردد فيه) (١)!

وحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستمر، وليس محصوراً في الوجود؛ لأنه يأتي في نصرة السنة النبويّة، والتأسّي بالرسول، والذّب عن رسالته، وهذا هو الطريق للبقاء الأبدي في النعيم السرمدي!

يروي مسلم وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "من أشد أمتي لي حبًّا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني، بأهله وماله" (٢)!


(١) فتح الباري: ١: ٦٠.
(٢) مسلم: ٥١ - الجنة (٢٨٣٢)، والبغوي (٣٨٤٣)، وابن حبان (٧٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>