وفي الصورة المقابلة نبصر عطاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه مسلم وغيره عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة فقال:"السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإِنا إِن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إِخواننا"! قالوا: أولسنا إِخوانك يا رسول الله؟ قال:"أنتم أصحابي، وإِخواننا الذين لم يأتوا بعد .. " الحديث (١)!
في هذا المقام الذي ينسى الإنسان فيه كل شيء .. ينسى الدنيا بما فيها، ويتذكر الآخرة!
يود الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن قد رآنا، ويرفعنا إلى درجة الأخوة!
يا لجلال التعبير النبوي الكريم!
"وددت أنا قد رأينا إِخواننا"!
يا لعظمة هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - .. وهو يرسل هذا الودّ، ويقرّر تلك الأخوة!
وهو خير الخلق وخاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يحرّك فينا ضرورة التأسي به، والتمسك بسنته!
لقد أعطانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحب المثالي اللائق به، والذي لا نقدر عليه بحال!
وحسبنا -كذلك- أن نذكر ما رواه مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر وابن العاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- في إِبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)} [إبراهيم]!
وقال عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة]! فرفع يديه، وقال: "اللهم!