للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإننا حين يظلّنا هذا الجو الطهور في تلك العلاقة الإيجابية، نبصر مواقع خطونا, ولا نرى من حولنا شيئاً من معاني السمو والجلال، والرفعة والكمال، يتحرّك إلا بين يدي الرسالة والرسول!

إن هذه العلاقة الإيجابيّة تجعلنا ننهل من معين الوحي، وندرك أفق التجليات المباركات، ونبصر شفافية الروح، ولا نلبث أن نتقدّم إلى حيث نقبس من النور الوضاء، الذي ينير حوالك الدجى، وييسّر مسالك الهدى!

وهنا نذكر ما رواه مسلم وغيره عن أنس قال: قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: انطلق بنا إِلى أم أيمن نزورها، ميتاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها، فلما انتهينا إِليها بكت، فقالا لها: ما يُبكيك؟ ما عند الله خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما أبكي ألا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيّجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها (١)!

أرأيت منشأ هذا البكاء؟!

أرأيت بكاء الصديق والفاروق مع أم أيمن؟!

أرأيت هذه القطرات التي تكونت وتجمعت وتساقطت؟!

فهل تحس -أخي في الله- بمثل ذلك؟!

إنها الصلة الوثيقة .. وهنا نرى الفجر يرمقنا من بعيد، ويشرق في الكون فجر جديد، وطوبى لنا في عالم الخلود!

إن الحبّ هو الجناح الذي يطير به الإنسان إلى حيث السمو والعلو .. وإذا لم


(١) مسلم: ٤٤ - فضائل الصحابة (٢٤٥٤)، وابن ماجه (١٦٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>