كأنما ليقال: إن فعلتهم لا يوجد وصف ينطبق عليها ويكافئها لشدة بشاعتها!
لذلك يترك النص خبر (إن) لا يأتي به، ويمضي في ذكر الذكر، وهو القرآن الذي كفروا به، لتفظيع الفعلة وتبشيعها: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)}!
وأنى للباطل أن يدخل على هذا الكتاب، وهو كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- الذي تكفل بحفظه، يصدع بالحق، ويتصل بالحق الذي تقوم عليه السموات والأرض؟
وأنى يأتيه الباطل وهو عزيز محفوظ بأمر الله الذي تكفل بحفظه، وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)}!
والمتدبّر لهذا القرآن يجد فيه ذلك الحق الذي نزل به، والذي نزل ليقره .. يجده في روحه، ويجده في نصه .. يجده في بساطة ويسر، حقاً مطمئناً فطرياً، يخاطب أعماق الفطرة، ويؤثر فيها التأثير العجيب!
إنه عزيز منيع محمي بحماية الله تعالى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يتطرق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات، حتى يصل إليه، ويتعلق به، ولا يخدعنك طعن الطاعنين وتأوُّلُ المبطلين؛ فإن الله قد حفظه بأن قيض قوماً عارضوهم بإبطال تأوليهم، وإفساد أقاويلهم، ومن ثم لا يخلو طعن طاعن إلا ممحوقاً، وقول مبطل إلا مضمحلاً (١)!