للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة ظاهرة في بنائه، وفي توجيهه، وفي طريقة نزوله، وفي علاجه للقلب البشري من أقصر طريق، والله الذي نزله خليق بالحمد .. وفي القرآن ما يستجيش القلب لحمده الكثير!

وننظر اليوم من وراء القرون إلى وعد الله الحق بحفظ هذا الذكر (١)، فنرى فيه المعجزة الشاهدة بربانيّة هذا الكتاب -إلى جانب غيرها من الشواهد الكثيرة- ونرى الأحوال والظروف والملابسات والعوامل التي تقلبت على هذا الكتاب في خلال هذه القرون، ما كان يمكن أن تتركه مصوناً محفوظاً لا تتبدل فيه كلمة، ولا تُحرف فيه جملة، لولا أن هنالك قدرة خارجة عن إرادة البشر، أكبر من الأحوال والظروف والملابسات والعوامل، تحفظ هذا الكتاب من التغيير والتبديل، وتصونه من العبث والتحريف!

لقد جاء على هذا القرآن زمان في أيام الفتن الأولى كثرت فيه الفرق، وكثر فيه النزاع، وطمت فيه الفتن، وتماوجت فيه الأحداث، وراحت كل فرقة تبحث لها عن سند في هذا القرآن، وفي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ودخل في هذه الفتن وساقها أعداء هذا الدين الأصلاء من أهل الكتاب -خاصة- ثم من القوميّين دعاة القوميّة الذين عرفوا بالشعوبيّين!

ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما احتاج إلى جهد الكثيرين من أئمة السنة وعلمائها, لمعرفة المقبول من المردود!

كما استطاعت هذه الفرق في تلك الفتن أن تؤوّل المعاني، وأن تحاول أن تلوي هذه النصوص لتشهد لها بما تريد تقريره من الأحكام والاتجاهات، ولكن كان لها بالمرصاد حماة هذا الدين!


(١) في ظلال القرآن: ٤: ٢١٢٧ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>