هذا الظلام الذي مد رواقه على المعمورة، وامتازت عنها في ظواهر وخلال يمكن تلخيصها في ثلاث:
الأولى: كثرة المعبودات والآلهة كثرة فاحشة!
الثانية: الشهوات الجنسيّة الجامحة!
الثالثة: التفاوت الطبقي المجحف، والامتياز الاجتماعي الجائر!
وقد بلغت الوثنيّة أوجها في هذا القرن، كما بلغ الفساد الأخلاقي مبلغه، حيث كانوا يعبدون آلة التناسل لمعبودهم (مهاديو) وكانوا يعبدون النساء العاريات، والنساء يعبدن الرجال العراة، وكان كهنة المعابد الخونة والفساق يرزؤون الراهبات والزائرات، وإذا كان هذا شأن البيوت التي أقيمت للعبادة فما ظنك ببلاط الملوك وقصور الأغنياء؟!
أما العرب فقد عرفت عنهم الوثنية الجاهليّة، والأدواء الخلقيّة، والعصبيّة القبليّة، وكانوا يعيشون في جاهليّة جهلاء، وفوضى عمياء!
أرأيت كيف كانت الإنسانيّة في الاحتضار؟!
أرأيت عالماً قد خيّم عليه الجحود والكنود، والفسوق والعقوق، كهذا العالم الذي طفنا حوله في هذه العُجالة؟!
حقًّا، إنه عالم يضطرب في رق المادة، وعبوديّة الشهوة، وسلطان البطش، ليس للمثل الأعلى وجود في ذهنه، ولا للغرض النبيل أثر في سعيه، ولا للشعور الإنساني مجرى في حسه، ولا للسمو معنى في نفسه، كان حيوانيًّا شهوته الغلب، ماديًّا غايته الجشع، أنانيًّا شريعته الطمع، شيطانيًّا سبيله الهوى، ومآله الردى!