اجتمعت الشعوب إلا إليه، وإنما لم يذكر الزبور؛ لأنه لا أحكام فيه، وداود النبي تابع لموسى، والمراد من خبر يعقوب هو صاحب الأحكام) انتهى كلامه بلفظه!
أقول: إنما أراد من الحاكم موسى - عليه السلام - لأن شريعته جبريّة انتقاميّة، ومن الراسم عيسى - عليه السلام - لأن شريعته ليست بجبريّة ولا انتقاميّة. وإن أريد من القضيب السلطة الدنيويّة، ومن المدبّر الحاكم الدنيوي -كما يفهم من رسائل القسّيسين من فرقة بروتستانت ومن بعض تراجمهم -فلا يصح أن يراد (بشيلوه) مسيح اليهود كما هو مزعومهم، ولا عيسى - عليه السلام - كما هو مزعوم النصارى!
أما الأول: فظاهر؛ لأن السلطة الدنيويّة والحاكم الدنيوي زالا من آل يهوذا من مدة هي أزيد من ألفي سنة من عهد بخت نصر، ولم يسمع إلى الآن حسيس مسيح اليهود!
وأما الثاني: فلأنهما زالا من آل يهوذا أيضاً قبل ظهور عيسى - عليه السلام - بمقدار ستمائة سنة من عهد بختنصر، وهو أجلى بني يهوذا إلى بابل، وكانوا في الجلاء ثلاثاً وستين سنة لا سبعين، كما يقول بعض علماء بروتستانت تغليظاً للعوام -كما عرفت في الفصل الثالث من الباب الأول- ثم وقع عليهم في عهد (أنتيوكس) ما وقع؛ فإنه عزل (أونياس) حبر اليهود وباع منصبه لأخيه (ياسون)، بثلثمائة وستين وزنة ذهب يقدمها له خراجاً كل سنة، ثم عزله وباع ذلك لأخيه (مينالاوس) بستمائة وستين وزنة، ثم شاع خبر موته فطلب (ياسون) أن يسترد لنفسه الكهنوت، ودخل (أورشليم) بألوف من الجنود، فقتل كل من كان يظنه عدواً له - وهذا الخبر كان كاذباً- فهجم (أنتيوكس) على أورشليم وامتلكها ثانية في سنة ١٧٠ قبل الميلاد قبل ميلاد المسيح وقتل من أهلها أربعين ألفاً، وباع مثل ذلك عبيداً!