للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يملك الوجود كله، والذي له الألوهيّة على الخلائق وحده، والذي يملك الحياة والموت للناس جميعاً .. هو الذي يستحق أن يدين الناس بدينه، الذي يبلغه إليهم رسوله، فهو تعريف للناس بربّهم، لتقوم على هذا التعريف عبوديّتهم له، وطاعتهم لرسوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)}!

وهذا النداء الأخير في هذا التعقيب يتضمن لفتات دقيقة ينبغى أن نقف أمامها لحظات:

إنه يتضمن ابتداءً ذلك الأمر بالإيمان بالله ورسوله، وهو ما تتضمنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، في صورة أخرى من صور هذا المضمون الذي لا يقوم بدونه إيمان ولا إسلام، ذلك أن هذا الأمر بالإيمان بالله سبقه في الآية التعريف بصفاته تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ}!

فالأمر بالإيمان هو أمر الإيمان بالله الذي هذه صفاته الحقة، كما سبقه التعريف برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس جميعاً: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}!

ثم يتضمن ثانية أن النبي الأمي- صلوات الله وسلامه عليه- يؤمن بالله وكلماته .. ومع أن هذه بديهيّة، إلا أن هذه اللفتة لها مكانها ولها قيمتها، فالدعوة لا بد أن يسبقها إيمان الداعي بحقيقة ما يدعو إليه، ووضوحه في نفسه، ويقينه منه، لذلك يجيء وصف النبي المرسل إلى الناس جميعاً بأنه:

{الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ}!

<<  <  ج: ص:  >  >>