هذا الوليد الذي جاء به إلى هنا وحيداً إلا من أمّه الراضية الوالهة، استجابة لأمر الله تعالى .. ولمّا يعلم الخليل ما كتبه قلم القدر الحكيم في لوح الكون من أسرار تحجبها رمال الصحراء في هذا الوادي .. ولكن إلهام (الخُلّة) في وحي النبوة ألْقَى إليه كلمة الله في رسالة التوحيد .. تلك الرسالة التي حاف عليها تاريخ المجتمع البشري، فلم تجد له في تراثه إلا سمَّ الخياط منفذاً تَنْسرب منه، متسلّلة في مسارب الحياة!
وكانت هذه الضراعة الداعية دعوة عامة، تستهدف الاستقرار والأمن, وجلب الرزق لذرية إسماعيل، وتبرز ما استسر وراء سجُف الغيب من تجليّات وأحداث تجعل من إسماعيل دوحةً تُلقي بظلال أفنانها على جنبات الوادي الأجرد، فتُحيله حياة حيّة خالدة، تهوي إليه الأفئدة من أطراف الأرض، هائمة وَالهةً بحب الحقيقة الكبرى في رمزها العظيم (الكعبة المشرفة)!