النداء إلى أهله في عالَمي الغيب والشهود، وأتَوْا من كل فجٍّ عميق، وأوب سحيق، ملبِّين دعوة ربّهم على لسان خليله إبراهيم، يتداولون عصراً بعد عصر، وجيلاً بعد جيل، تحقيقاً لوعد الله بقبول دعاء إبراهيم وإسماعيل!
ونبصر التعبير هنا يرسم مشهد تنفيذ إبراهيم وإسماعيل للأمر الذي تلقياه من ربّهما بإعداد البيت وتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود (١)، يرسمه مشهوداً كما لو كانت الأعين تراهما اللحظة وتسمعهما في آن!
وبينما نحن في انتظار بقيّة الخبر، إذا بالسياق يكشف لنا عنهما، ويُرينا إياهما، كما لو كانت رؤية العين .. إنهما أمامنا حاضران، نكاد نسمع صوتيهما: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)}!
إنه طلب القبول، هذه هي الغاية، فهو عمل خالص لله، الاتجاه في قنوت وخشوع إلى الله، والغاية المرتجاة من ورائه هي الرضا والقبول، والرجاء في قبوله متعلق بأن الله سميع للدعاء، عليم بما وراءه من النية والشعور!
ونبصر جو الدعاء، كأنما الدعاء يقع اللحظة حاضراً شاخصاً متحركاً .. ونبصو رد المشهد الغائب الذاهب حاضراً يُسمع ويُرى، ويتحرك وتفيض منه الحياة، ونبصر تضامن الأجيال في العقيدة:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}