إنه أدب النبوة، وإيمان النبوة، وشعور النبوة بقيمة العقيدة في هذا الوجود .. وهو الأدب والإيمان والشعور الذي يريد القرآن أن يعلمه لورثة الأنبياء، وأن يعمّقه في قلوبهم ومشاعرهم!
إنه رجاء العون من ربّهما في الهداية إلى الإسلام، والشعور بأن قلبيهما بين أصبعن من أصابع الرحمن، وأن الهدى هداه، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فهما يتجهان ويرغبان، والله المستعان!
ثم هو طابع الأمة المسلمة، التضامن، تضامن الأجيال في العقيدة: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)}!
وهي دعوة تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن، فأمر العقيدة هو الشغل الشاغل، وشعور إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - بقيمة النعمة التي أسبغها الله عليهما، نعمة الإيمان, تدفعهما إلى الحرص عليها في عقبهما، وإلى دعاء الله ألا يحرم ذريتهما هذا الإنعام الذي لا يكافئه إنعام، لقد دَعَوَا الله ربهما أن يرزق ذريتهما من الثمرات، ولم ينسيا أن يدعواه ليرزقهم من الإيمان, وأن يريهم جميعاً مناسكهم، ويبيّن لهم عباداتهم، وأن يتوب عليهم بما أنه هو التواب الرحيم!
وتزاحفت القرون والعصور متواثبة، وهي تطوي بساط التاريخ, وتسوق