للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إِلا أن تكونوا باكين"، ثم قَنَّع رأسه، وأسرع السير، حتى أجازَ الوادي!

وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب الحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين، إِلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم" (١)!

ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعث على التفكير والاعتبار، عند المرور بقبور الظالمين، وبما أصابهم، وإظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتحذير من الغفلة عن ذلك، حتى المياه التي كانت في آبار هؤلاء نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن استعمالها، وحتى لا يغفل المسلمون عن مواطن العظة، وألا يستهينوا بما خلا قبلهم من مَثُلات!

وجاء شعيب بعد إبراهيم وبعد لوط، وقيل إنه بعد يوسف -عليهم السلام - ومن المؤكد أنه جاء بعد لوط؛ لأنه جعل من إنذاره لقومه أن يصيبهم مثل ما أصاب قوم لوط: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩)} [هود]!

وهذا يدل على أمرين:

الأول: أن مبعث شعيب - عليه السلام - كان بعد مبعث هود وصالح ولوط، فقد جعل في بيانه ما حدث لأقوام هؤلاء من عذاب دنيوي ماحق، كان موضع إنذار لهم!


(١) البخاري: ٦٤ - المغازي (٤٤١٩، ٤٤٢٠)، وانظر (٤٣٣، ٣٣٨٠، ٣٣٨١، ٤٧٠٢)، ومسلم (٢٩٨٠)، وأحمد: ٢: ٩، ٧٢، ٧٤، ٩٢، ١١٣، ١٣٧، والبيهقي: ٢: ٤٥١، والدلائل: ٥: ٢٣٣، والبغوي (٤١٦٦)، والحميدي (٦٥٣)، والنسائي: الكبرى (١١٢٧٤)، والتفسير (٢٩٤)، وابن حبان (٦٢٠٠ - ٦٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>