وهنا تفترق الوثنيّة الرومانيّة واليونانيّة عن وثنيّة العرب؛ لأن العرب كانوا يشركون مع الله غيره، أما الآخرون فقد كانت نظريّة الحلول تسري فيهم، ولا يجيء في وثنيّتهم ذكر الله تعالى قط!
وبيداء الجزيرة وقراها وبرها، فيها حصون ليست في غيرها لمنع الاعتداء الوحشي من الأمم التي اشتدت إغارتها في الماضي، وإن كان النبيون قد قوِوموا في إقناعهم ابتداء، فلأنهم في حصنين منيعين:
حصن من الأرض المانعة لكل وافد من أن يقتطعها!
وحصن من النفوس التي إذا آمنت قاومت واعتزت بإيمانها!
وإن قوة النفوس هي التي تتميز بها أخلاق الأمم؛ فإن العقول إذا انحرفت قد تقوم وتستقيم، والقلوب إذا غشيتها غاشيات الضلال في نفوس ملتوية غير مستقيمة، فالحق لا يصل إليها إلا من رحم الله!
واعتبر بحال العرب بين دولتن قويّتين من الدول التي لاصقتها، فإنهما لم يتجاوزا في سلطانهما أطرافها, ولم تتمكن إحداهما أن تنتقل من الأطراف إلى داخلها، فإنهما عندئذ تجدان قلوباً صلدة قواها ضوء الشمس الساطع، وقوة الحياة فيها، والتعرض لأوابد الحيوان ليلًا ونهاراً!
الأمر الثالث: قوة الشكيمة، وقوة الخلُق العربي، وما امتاز به العربي من